السبت، 22 ديسمبر 2012

مخيم اليرموك..يا جرحنا النازف


"لا تسل عن سلامته روحه فوق راحته...بدّلته همومه كفناً من وسادته...يرقب الساعة التي بعدها... هول ساعته شاغل... فكر من يراه بإطراق هامته...بين جنبيه خافق يتلظّى بغايته...من رأى فحمة الدجى أضرمت من شرارته...حملته جهنم طرفاً من رسالته...هو بالباب واقف والردى منه خائف...فاهدأي يا عواصف خجلاً من جراءته...صامت لو تكلما لفظ النار والدما...قل لمن عاب صمته خلق الصمت أبكما...وأخو الحزم لم تزل يده تسبق الفما...لا تلوموه قد رأى منهج الحق مظلما...وبلاداً أحبها ركنها قد تهدما...وخصوماً ببغيهم ضجت الأرض والسما... مر حين فكاد يقتله اليأس إنما...هو بالباب واقف والردى منه خائف...فاهدئي يا عواصف خجلاً من جراءته..." كلمات للشاعر الفلسطيني ابراهيم طوقان.
عن مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في سوريا. قصف طيران النظام السوري -الجيش العربي السوري- مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في دمشق.. وتعرض أهلنا هناك لفاجعة لا تقل عن ما يتعرض له هذا الشعب الفقير هنا في الوطن المحتل أو في بعض أقطار الأشقاء العرب... أكثر من نصف سكان المخيم البالغ عدده نحو 150 ألفا من الفلسطينيين الذي أجبروا على الهجرة من بلادهم الأصلية فلسطين العروبة فروا من المخيم خوفا على حياتهم من القصف وتركوا بيوت "الزينكو" التي تأويهم وهربوا إلى أطراف المخيم أو إلى بلدات ومدن مجاورة او الحدود الاردنية السورية خوفا على حياتهم من أبناء جلدتهم العربية.
الفلسطيني يدفع أينما كان الفاتورة التي عادة ما تكون باهضة الثمن، دفعناها في فلسطين المحتلة عام 48، وندفعها في فلسطين المحلتة عام 67، ودفعناها وما زلنا في بيروت مرات عديدة وما زلنا نحن الأكثر حظا لدفعها هناك، فنهر البارد ما زال شاهدا على مآسينا، ودفعناها في العراق وليبيا، واليمن ومصر واليوم اليرموك، الجرح النازف أكبر التجمعات الفلسطينية في سوريا إن لم يكن أكبرها على الإطلاق في.
مخيم اليرموك أنشأ بين العامين 1954-1955 وبدأت عملية نقل الفلسطينيين من المساجد والمدارس والمشافي في دمشق إليه، وبدأت عملية الإهتمام به نظراً لإرتفاع أعداد النازحين اليه، بقي المخيم مخيم بعد نحو ستين عاما على إنشائه، وبقيت صفة لاجئ ترافق كل من ولد وسُجل في بيانات الأنروا هناك، عاش أهله بعض من الوقت في أمان، لكن لم يدم الوقت كثيرا فقد ذاقوا الأمرين على يد جماعات النظام السوري.
قُصف مسجدهم، وقتّل العشرات من المصلين، وهدّمت بركسات وبيوت وترملت نساء ويُتم أطفال، ونُزحت نساء عايشن النكبة مرتين أو ربما أكثر. فما الذي تريدونه من مخيم اليرموك، لِما يُزج به في دائرة الحرب المشتعلة بينكم، أتركوه وحاله يحلم أهله ببيوتهم وبياراتهم وبرتقالهم، ألا يكفيهم ما هم فيه من حسرة ومرارة وهم وغم ونكد من رؤيتكم وهجرتهم، أتركوه وشأنه يعيش على أمل العودة، والتفكير بمستقبل أفضل من الحاضر.
ما دفعني للكتابة عن اليرموك هي تلك الأخبار التي تردنا تباعا من هناك قصف وتهجير وذبح وتشريد وربما حالات أخلاقية ينتهجها الجيس السوري، ومن ثم اتفاق بين فصائل منظمة التحرير الفلسطينية على تجنيب المخيم صراعات الحرب وتركه وشأنه، والجيش الحر وعد بتجنيب المخيم الصراع لكن حتى الآن جيش النظام لم يفعل ذلك.
حتى الفصائل أختلفت فيما بينها حول المخيم فصرح مسؤول فلسطيني هناك انه لم يحصل أي اتفاق مع المجموعات المتقاتلة هناك لتجنيب المخيم الحروب، وصرح مسؤول فصيل آخر لقد تم الإتفاق. وبين الجيش الحر والجيش النظامي. وفصائل المنظمة التي يصرح كل بإسم فصيله بيقى مخيم اليرموك يواجه القتل والدمار والتهجير.
الجامعة العربية فشلت في الوصول لأحد المسؤولين السوريين للتواسط لديه لوقف قصف المخيم وللعمل على تجنيب أهله الويلات. فشلت الجامعة العربية. أُحيل الأمر للأمم المتحدة والسيد بان كي مون يحاول، فما بال المخيم وأهله.
يا أهل اليرموك لكم الله، ونحسبكم عنده شهداء، نودعكم على أمل اللقاء بكم في لجوء جديد وفي بركسات أخرى أكثر مأساوية من تلك التي تعيشون فيها، ستبقون لاجئين إلى وقت طويل، فحافظوا على فلسطينيتكم، ولتتركوا الكل يفكر كيف تتوقف الحرب عليكم لا كيف نعيدكم إلى دياركم في فلسطين. ويا مخيم اليرموك... يا جرحنا النازف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق